أبناء الصحوة الإسلامية بين المحاولة والعجز

 

عندما فتح أبناء الصحوة الإسلامية أعينهم وأرادوا الاطلاع على ما يصححون به عبادتهم، وجدوا أنفسهم بين تيارين متناقضين.

أ-الفئة الأولى: فئة المتعصبين من الفقهاء للمذهب الجامدين عليه المعرضين عن الاستشهاد بالمصدرين الأصليين الكتاب والسنة، المتمسكين بكتب كلها ألغاز ورموز يصعب حلها على المتضلع فضلا عن المبتدئ، المصاغة صياغة معقدة لفظا، وغامضة وموجزة تكل دونها الأذهان، وتعجز القرائح،ومن أمثال هذه المتون.

"مختصر خليل رحمه الله" فهو مختصر مختصر مختصر المختصر.فهو

-        مختصر لمختصر أبي عمرو الحاجب الذي هو

-        مختصر لمختصر البراذعي الذي هو

-        مختصر لمختصر ابن أبي زيد القيراوني الذي هو

-        مختصر للمدونة

ب-الفئة الثانية: فئة الغيورين الذين نبذوا التمذهب مطلقا كرد فعل لما وجدوه أمامهم من جمود، فانتقلوا من الجمود إلى الجحود، من النقيض إلى نقيض آخر،ودعوا إلى النهل من النصوص القرآنية والحديثية مباشرة، فألفوا في ذلك التآليف، وعكف أبناء الصحوة الإسلامية على هذه التآليف كبديل للمتون الغامضة، إلا أن الواقع المعيش، والتجربة الميدانية بينت خطأ الاتجاهين وعدم صالحيتهما.

إن أمور الفقه وشؤونه مضبوطة مرتبة، وسلم التلقي فيه منظم، فلا يعقل أن نقول للمتعلم المبتدئ: لا تعبأ بكل ذلك وأزح من طريقك ذلك السلم، واختصر المسافة إلى الاجتهاد.

إننا إذا أردنا بهذه النصيحة معالجة داء الجمود والتعصب فقد حاولنا معالجة الداء بداء آخر هو الفوضى والتسيب الناتج عن الجمود، لأن الداعي إلى هذا العمل إنما هو ينظر أفكارا ومناهج غير قابلة للتطبيق، وبدون تعلم لغات الفقه فإن المبتدئ الذي لا يعرف المسائل سيبقى متحيرا ويتخبط ويعجز، خاصة إذا كان الدليل خفيا فيه استنباط خفي، إذ ليس كل الأدلة ظاهرة جلية، ونصوص صريحة.

 

 

الصفحة السابقة
الصفحة التالية