بسم الله الرحمن الرحيم وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد

وآله وصحبه وإخوانه وحزبه

النتائج السلبية للتقليد الأعمى

 
 

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

» لا يكن أحدكم إمعة يقول: أنا مع الناس …«

قـال الشاعر :

بعضهم يتبع النصار وبعض يتبع المنكرين للمعب

تأليف: بن سالم با هشام

إعداد : نورى أنمجوط

قال الله تعالى في سورة الأعراف 179 :﴿ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولائك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون﴾.

إن كثيرا من الجن والإنس خلقهم سبحانه وتعالى ليكونوا حطبا لجهنم، أتدرون لماذا؟ لأن الحق عز وجل أعطاهم ما يدركون به ما حولهم ويستفيدون منه فعطلوه، أعطاهم القلب، وأعطاهم السمع و البصر بعد أن كانوا لا يعلمون شيئا، ليميزوا به الحق والباطل، قال سبحانه في سورة النحل 78:﴿ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار و الأفئدة لعلكم تشكرون ﴾ إلا أن هؤلاء عطلوا قلوبهم فلا يفقهون بها الحق، وعطلوا أعينهم فلم يبصروا بها دلائل قدرة الله بصر اعتبار، وعطلوا أسماعهم فلم يسمعوا بها الآيات والمواعظ سماع تدبر واتعاظ، وليس المراد بقوله تعالى: ﴿ ولهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها﴾ نفي السمع والبصر بالكلية، وإنما المراد نفيها عما ينفعها في الدين. فأصبحوا كالحيوانات في عدم الفقه والبصر والاستماع، بل هم أسوء حالا من الحيوانات، لان الحيوانات أودع الله فيها استعدادات فطرية تهديها فتدرك منافعها ومضارها، بينما هؤلاء فإنهم لا يميزون بين المنافع والمضار، ولهذا يقدمون على النار.

أيها الأخ الكريم، أهناك ضلال أكثر من أنك تتبع غيرك في النافع والضار بحكم أنك تراه أقوى منك.؟ بل أليس من الضلال أن يتنكر المرء لشخصيته. ويقلد الأخر ؟ بل أليس من الضلال أن يعرض الشخص عن سبيل الرشاد ويرتمي في أحضان الرذيلة و الهوان، ويعتبر ذلك تقدما ومسايرة للعصر ؟ في كتب الفرنسية الابتدائية القديمة التي كانت مقررة في بلدنا قصة لو استخلصنا منها العبر دون أن نقتصر على قراءتها، لصلح حالنا ولم نصنف في زمرة من خلقهم الله عز وجل لجهنم. مضمون القصة أن عداوة كانت بين شخصين وكان كل واحد منهما يريد أن ينتقم من الآخر، فجمعتهما القدرة الإلهية في سفينة. الأول معه ماله، والآخر معه غنمه، فأراد صاحب المال شراء كبش من عدوه، فباعه له خصمه بثمن باهض انتقاما منه، إلا أن انتقام صاحب المال كان أقسى لأنه اشترى الكبش الذي يتبعه القطيع كله إذا سيق أو جر . أتدرون ماذا فعل الرجل بالكبش؟ لقد ألقاه في البحر، فإذا بقطيع الغنم كله يتبعه، لماذا يلقي الغنم بنفسه في البحر دون إرغام من أحد؟ لأن لهم قلوبا لا يفقهون بها، وأعينا لا يبصرون بها، وآذانا لا يسمعون بها،

هكذا فعل الغرب الكافرـ الذي نرى فيه القوة و التقدم ـ بأبناء جلدتنا، إذ أخد منا نماذج فرباها وأنشأها تحت إشرافه، وأنفق عليها مالا وتركها في أوساطنا بعد أن زودها بالمال والمكانة. فأصبحنا نقلدها ونرى فيها النموذج ونقول: نظرا لكون هذه النماذج ترى النموذج في الغرب فما علينا إلا أن نسير على دربهم، ونحن لا نعرف مثلهم،ويتفوقون علينا فكرا وإدراكا ، وصدق رسول الله عليه وآله وسلم إذ قال فيما رواه البخاري: " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟."

وفي رواية: ) لتتبعن سنن من كان قلبكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه(. إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يرد في هذا الحديث مجرد الإخبار بما سيقع، بل أراد التحذير من الإتباع والتقليد الأعمى للغرب، ذلك التقليد البالغ الدقة، فهو شبر بشبر، وذراع بذراع، ولو دخل اليهود والنصارى جحر ضب لدخلناه وراءهم.

إنها الدقة في التصوير، والإعجاز في الوصف، إذ ما وراء جحر الضب؟ ماذا بعد غار الضب تناهيا في الصغر و الضيق والهوان، إنه تعبير غاية في الدقة، ومثل غاية في الدلالة على المقصود من السير على الخطى نفسها، ومواضع الأقدام ذاتها « شبرا بشبر وذراعا بذراع ». لقد كان ما أخبر عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام غيبا في زمانه، فأصبح شهودا نراه ونسمع به، ونكتوي بناره، ونتألم من أثاره، ونشتكي إلى الله من نتائجه في زماننا.

حكم الكفار القوانين، فأعرضنا عن الشريعة الإسلامية وحكمنا بمثل قوانينهم أو أقل. نشروا الأبناك الربوية فقلدناهم. أباحوا الاختلاط بين الذكران و الإناث، ففعلنا مثلهم، أباحوا التبرج فمشينا في طريقهم حتى أصبح التبرج هو الأصل واحتجاب المرآة فرعا، نشروا الميوعة في الأفلام والأغاني والسينمات فسرنا على طريقهم. بل قلدناهم حتى في الاحتفالات بأعيادهم وتبادل الهدايا فيها، ومنها رأس السنة الميلادية للمسيح عليه السلام. بل بلغ داء التقليد حتى إلى تلك الفطر السليمة من أبنائنا فلوثناها وبدأنا نلاحظ دمى للبابا نويل يقتنيها الآباء للأبناء. وهكذا أصبح الصربي الذي قتل إخواننا المسلمين وبقر بطون نسائهم، ويتم أطفالهم، وهدم مساجدهم، يحتفل بعيده، ونحتفل نحن معه ونشاركه في فرحته، ونتبادل الهدايا والتهاني مثله، ونشتري الحلويات. وإذاعاتنا تبث هنا وتؤيده، وعلماؤنا لا ينتهزون الفرصة للتنكير. والكثير﴿ كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون

غافلون عن كونهم قد انسلخوا من الدين الإسلامي.

غافلون عن كون التقليد بمختلف صوره التي عددنا البعض منها يقود إلى محبة المقلد الذين هم الكفار، شاء المقلد أم أبى. لهذا حرص الإسلام حرصا شديدا على منع تشبه المسلمين بأعدائهم أو تقليدهم. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " من تشبه بقوم فهو منهم " والسبب الرئيسي في النهي عن هذا التشبه، لكي يبقى الجدار العدواني الفاصل بين الكفر والإيمان، والحق والباطل قائما صلبا، فلا يتأثر موقف المسلم المتصل باعتزازه بما عنده، بل يرفض ما عند أعدائه أبدا، ولا يضعف ولا يلين، لأن المحاكاة في الظاهر تؤدي إلى المحاكاة في الباطن ولو بعد حين،و لأن التقليد صلة روحية بين المقلد والمقلد، ووساطة انتقال لمعتقداته وأفكاره إليه، إما بشكل مباشر وعنيف، وبدفعة واحدة، كما فعل بتركيا. وإما بشكل تدريجي سريع أو بطئ كما يحدث في كل زمان ومكان بين كل مقلد ومقلد. إن من نتائج هذا التقليد انحلال العلاقات بين الأفراد، وشيوع الخيانة الزوجية، وانتشار الإباحية، وهذا مثال من ثمار هذا التقليد وقع في مدينتا هذه. كلكم يرى ذلك الشخص الذي يلبس لباس" البابا نويل"، إما بقرب الخصة وإما قبالة البريد، والناس يلتقطون معه صورا تذكارية، بل نفعل هذا مع أبنائنا، مع الفطر السليمة. وبما أن الشخص الذي يتقمص شخصية البابا نويل لا يرى وجهه ولا يعرف من هو، فإنه فوجئ بما زلزل كيانه، لقد رأى زوجته مع صديقها يريدان أن يأخذا صورة تذكارية مع البابا نويل، فإذا بالبابا نويل يزيل القناع عن وجهه، ويظهر أنه زوج تلك المرآة. هذه ثمرة من ثمار تقليد الغرب، فمن أراد البابا نويل فليرض بالانحلال والتفسخ والخيانة الزوجية،

والتبرج والاختلاط والشرك بالله ، والاستهزاء بالإسلام. إنه لو استمر هذا الشخص المتنكر في صورة البابا مدة سنوات أخرى فإنه سيصبح لا يغار أهله ولا يحرك ساكنا ولا يوبخ زوجته، كما هو الشأن بالنسبة للكفار، إذ يقبل الشخص إلى الزوجين فيستأذنه في زوجته ليرقص معه فيأذن له. هذا ما أراد الغرب منا، ولقد وصلنا إلى هذه الحالة في بعض الأسر، ولازالت الأسر الأخرى في طريق التطبيع. قال تعالى في محكم كتابه في سورة البقرة الآية 120: ﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير﴾.

فيا أيها الأحباب الكرام، اتقوا الله في أنفسكم، وأعلنوا حربا على تقاليد الكفار، واتقوا الله في أبنائكم، فإنهم أمانة عندكم، وحافظوا على عقيدتكم، وكونوا لهم قدوة حسنة، وحببوا إليهم نبيهم صلى الله عليه وسلم، واللغة العربية، والقرآن الكريم. فقد قال صلى الله عليه واله وسلم فيما رواه الطبراني: « أدبوا أبناءكم على ثلاث حب نبيكم ،وحب آل بيته ، وتلاوة القرآن فإن حملة القرآن في ظل عرش الله يتعرض لكل خير » .